روتين

"روتين"


 قصة قصيرة من تأليفي باوصف فيها الملل اللي بقينا بنعيش فيه :
" استيقظ كعادته في السادسة والنصف صباحاً علي صوت منبه الموبايل المزعج , اسكته بسرعة حتي لا يُوقظ ابنه ذو العام ونصف وزوجته التي تزوجها منذ ثلاثة اعوام بعد قصة حب طويلة استمرت ست سنوات , ومن السرير مباشرة الي الحمام , توضأ وصلي الصبح ولبس ثيابه في شئ من السرعة غير مهتم بالتفاصيل التي تخص الاناقة , وبعد ان اتم لبسه قام بوضع كتاب او رواية في شنطته الصغيرة ووضعها علي كتفه وقام بطبع قُبلة رقيقة علي خدي  زوجته وابنه ثم فتح باب شقته ونزل علي السلم وفتح باب المنزل وقال " بسم الله توكلت  علي الله ولا حول ولا قوة الا بالله " وفي الطريق  الي المكان الذي يركب منه الاتوبيس ردد اذكار الصباح حتي اتي الاتوبيس في السابعة تقريباً , دخل الاتوبيس وحيا السائق وبعض الركاب الذي تعود علي الركوب معهم كل صباح واختار كرسي بجوار الشباك وبعيداً عن هواء الشتاء القارص الناتج عن فتحة في سقف الاتوبيس , وبمجرد جلوسه حاول ان ينام , كثيراً ما ينجح لنومه ساعات قليلة في اللليل فهو ينام غالباً في الواحدة صباحاً او حتي الثانية , وان لم تنجح المحاولة اخرج الكتاب من شنطته او جريدة قديمة لم يقرأ كل مقالات الرأي فيها وحبذا لو كانت رواية لنجيب محفوظ فهو يعشقه ويبدأ القراءة حتي يصل الاتوبيس الي مكان عمله  بعد أن يقطع 60 كيلومترا في حوالي ساعة وبمجرد وصوله يسارع الي ان يفتح جهاز الكمبيوتر ويتصفح مواقع الانترنت  من مواقع الاخبار والتقنية وشبكات اجتماعية مثل تويتر وفيسبوك ويطلب الشاي الذي يدمنه , قبل ان يتناول الافطار حتي , والذي يكون غالبا ساندوتشات فول , ويستمر في تصفح  المواقع حتي الثالثة تقريباً ميعاد انتهاء عمله فهو غالباً لا يًطلب منه عمل الا قليلاً ويقوم بانجازه بسرعة ورغم شغفه بالمعرفة والثقافة وقدرته علي التعلم الا انه الي الان  لم يحدد هدفه ولم يشعر بالنجاح في اي مجال محدد ولم يستقر علي توحيد جهوده لعمل شئ واحد مفيد له وللمجتمع  , وعند الثالثة  مساءا يقوم باغلاق جهاز الكمبيوتر ويستأذن المدير في الانصراف ويمشي بسرعة حتي يصل محطة القطار القريبة من عمله ينتظر قطار الساعة 3.15 الذي غالبا يأتي في الرابعة او الرابعة وربع , يركب القطار في الدرجة العادية ينزعج من الفاظ الباعة الجائلين والصوت العالي لمناقشات تافهة من اشخاص مغيبين  بسبب نظام التعليم الفاشل الذي تنتهجه الدولة واعلام متواطئ مع نفس النظام والاسوأ انه غالبا لا يجد كرسياً ليجلس عليه رغم ن بعض الركاب يجلس علي كرسي ويضع رجله علي كرسي اخر , لا ينقذه من هذا الا ان يغوص في احدي روايات نجيب محفوظ او يقرأ جريدته المفضلة التي يري انها الوحيدة التي تستحق ما احترامه  وسط صحافة صفراء واعلام مغرض ,يظل يقرأ حتي يصل الي المحظة التي يقصدها بعد حوالي 45 دقيقة ينزل من القطار وهو في غاية التعب من قلة النوم والجلوس لأكثر من 8 ساعات مستمر امام شاشة الكمبيوتر والوقوف في القطار ,يتوجه مباشرة الي موقف سيارات يستقل منه سيارة حتي يصل لبلدته ويسير مباشرة الي بيته , يدخل البيت متعباً يحي  امه اذا وجدها امامه عند فتح الباب ويصعد السلم يرن الجرس تفتح زوجته الباب فيقبلها قُبلة متعبة ويسعد برؤية ابنه يجري ناحيته يضع الشنطة ويستلقي علي السرسر ثم يتناول الغداء وينام لساعتين ويستيقظ ليجلس امام برامج التوك شو مع زوجته وابنه حتي ينام في وقت متأخر غالباً واحيانا يقرأ قبل النوم  ولو سطور , عاني حتي ينام فهو غالبا يجد صعوبة في بداية النوم حتي يصحو علي صوت منبه الموبايل المزعج .           
تمت ,   محمد







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القراءة في المواصلات العامة تزيد الوعي بأهمية القراءة

المســئول عن مذبحة بورسعيد

بائع البطيخ الذي أصبح احد رواد الطب واشهر اطباء عصره